المقدمة

حظيت الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) باهتمامٍ عالميٍّ في يونيو/ حزيران 2014 عندما طردت الجيش العراقي من الموصل وتكريت وأعلنت إقامتها دولة الخلافة. وبين عامي 2014 و2019، نفَّذ التنظيم مئات العمليات في العراق وسوريا في المقام الأول، ثم في مناطق أخرى مختلفة من العالم. كما أطلق دعايةً على شبكة الإنترنت بمعدَّل لم يسبق له مثيل من قِبل وكالات إنفاذ القانون التي كافحت لمواكبة المحتوى ومواجهته[i]. وساعد كلُّ هذا في اكتساب المجموعة للشهرة، وألهمت مجموعة من الأفراد الذين تأثروا بأيديولوجيتها وقضيتها للقيام بالعديد من الهجمات، رغم أنه لم يتم تدريبهم رسميًّا من قِبل المجموعة للقيام بها. وقد استوعبت المجموعة في الوقت نفسِه العديدَ من المجموعات المحلية في دولٍ مثل نيجيريا وأفغانستان والفلبين، وأنشأت لنفسها مقاطعاتٍ في هذه الدول أيضًا[ii].

بمرور الوقت، تمَّ الاستشهاد بعمليات القتل المختلفة خارج نطاق القانون للمدنيين والمعارضين السياسيين داخل العراق وسوريا، والقدرة على جذب المقاتلين الأجانب والإسهام في عدم الاستقرار في هذين البلدين- كمبررات لمهاجمة مواقع المجموعة من قِبل الدول الغربية مثل الولايات المتحدة بالإضافة إلى العديد من الدول الإقليمية الأخرى، مما أدى إلى المزيد من موجات الدمار في البلدين[iii]. وبحلول عام 2017، خسرت المجموعة أكثر من 90% من أراضيها في كلٍّ من سوريا والعراق، وبحلول مارس/ آذار 2019 فَقَدت المجموعة كلَّ الأراضي التي احتلَّتها من قبل[iv]. وعلاوة على ذلك، تمَّ القضاء على قادتها من قِبل مختلف القوات الأمنية، وهو اتجاه بلغ ذروته بمقتل زعيم الجماعة والخليفة المعلن من جانبٍ واحدٍ: أبو بكر البغدادي[v].

لكن، وبينما احتفلت معظم الحكومات والمراقبون العاديون بهذه الإعلانات، إلَّا أن الوقائع عام 2018 تشير إلى أن المجموعة ستعود إلى شكلها الأصلي بوصفها مجموعة حرب عصابات[vi]. وتبيَّن أن هذا التوقع صحيحٌ إلى حدٍّ كبير، خاصةً مع وجود الموارد المالية الهائلة للجماعة وأيديولوجيتها التي تحافظ على مقاتليها في جميع أنحاء العالم. وبينما كان معظم هؤلاء المقاتلين ينفذون هجمات عرَضية، فإن وتيرة الهجمات سرعان ما بدأت في الازدياد. وعلى هذا النحو، لاحظت العديد من الحكومات والمراقبين في الربع الأول من عام 2021 أن المجموعة تشهد الآن انتعاشًا جديدًا[vii].

وبناءً على ما سبق، تسعى هذه الدراسة الموجزة إلى فهم مدى إمكانية عودة المجموعة إلى الظهور. وتقيس ذلك من خلال النظر في عوامل مختلفة مثل الهجمات والمقاتلين والأموال وغيرها من المعايير. ثم تسرد أسباب الزيادة في أنشطة المجموعة باستخدام أدبيات مكافحة التمرد لشرح بعضٍ منها. وأخيرًا، ترسم الآثار السياسية لهذه الزيادة في الأنشطة، وتوفِّر خطواتٍ ممكنةً لواضعي السياسات للمشاركة في مكافحة هذه العودة.