مُلخَّص: شهدت الانتخابات العامة التي عُقدت مؤخرًا في مايو/أيار من العام عام 2018 فوز الحزب الإسلامي الماليزي (باس) إلى جانب الحزب الإسلامي المُشكَّل حديثًا، الأمانة الوطنية (أمانة)، بأغلبية الأصوات وتمكَّنا من الحصول على عددٍ من المقاعد التشريعية في البرلمان ومجلس الشيوخ. ومع سقوط حكومة ائتلاف الجبهة الوطنية (باريسان ناسيونال) ونجيب رزاق وانتصار تحالف الأمل (باكاتان هارابان)، حصل المرشحون الإسلاميون من الحزب الإسلامي الماليزي وحزب الأمانة الوطنية على دعمٍ معتدلٍ نسبيًّا. وبالمقارنة مع الانتخابات السابقة، عَكَس تزايد أعداد المقاعد التي حصل عليها الإسلاميون في انتخابات 2018 – داخل البرلمان ومجلس الشيوخ – بصورةٍ غير مباشرة، النزعة المتواصلة لدعم الإسلام السياسي في بعض القطاعات البرلمانية، لا سيما على ساحل ماليزيا الشرقي. وبخلاف أزمات الفساد المُرتبطة بالنظام السابق، تنبع أسباب تلك النزعة من عامل “الوجوه المألوفة”، علاوةً على المساومات السياسية بين أعضاء حزب الائتلاف الذين تعمَّدوا مساعدة الإسلاميين في الحفاظ على وجودهم داخل اللعبة السياسية الماليزية.

مقدِّمة

تطوَّر الإسلام في ماليزيا وسط بيئةٍ مُتديِّنة، حيث يعتنقه الغالبية العُظمى من السكَّان. وتجدُر الإشارة إلى أنَّ ماليزيا دولةٌ مُتعدِّدة الأعراق والديانات، لكنَّ الإسلام مُسيطِرٌ على المستويين السياسي والثقافي في أوساط أنصاره وغالبية المواطنين الماليزيين المسلمين. وبالنظر إلى شعبية النشاط الإسلامي المتزايدة في أرجاء العالم الإسلامي، لفتت وجهات النظر الشائعة بشأن توجُّهِ الإسلام – كما مثَّلتها بعض الأصوات البديلة – انتباه الإسلاميين في ماليزيا. وفي الواقع، يأتي الظهور المتزايد للإسلام في السياسة الماليزية بفضل الحزب الإسلامي الماليزي القوي. وعلاوةً على ذلك، يزداد ثِقَلُ بعض الأحزاب المؤثِّرة الأخرى مثل حزب الأمانة الوطنية – وهو حزبٌ إسلامي تقدُّمي جديد – نتيجة الطبيعة الانتقالية للأسلمة وتسييسها في ماليزيا اليوم. ويُنظر إلى تلك الأحزاب “ذات التوجهات الإسلامية” على أنَّها ملتزمة سياسيًّا من أجل الحصول على الدعم في أوساط السكَّان المسلمين وغير المسلمين بماليزيا. وقدَّم أعضاء الحزب الإسلامي الماليزي وحزب الأمانة الوطنية إسهاماتٍ كُبرى إلى ديناميات الخطاب السياسي الإسلامي وتقدُّم الديمقراطية الانتخابية في البلاد، مع أنَّ نشاطهم قد يكون متنوعًا من ناحية الأيديولوجية والمنهج السياسي والنشاط السياسي. ويُسلِّط النقاش التالي الضوءَ على الاختلافات بين هذين الحزبين ضمن سياق الإسلام السياسي في ماليزيا.