تعاني منظومة الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الاضطراب، فقوى الثورة المضادة تستعد للأسوأ على المستوى السياسي بينما لم يعد من الممكن إخفاء عيوب العقد الاجتماعي الوطني الذي تشكل في السابق (حيث يحل تأمين مقومات العيش محل العدالة الاجتماعية)، بالإضافة لعيوب النظام الإقليمي ،  فالناس من مختلف الاتجاهات في الأردن ولبنان والسودان إلى العراق والجزائر ما يزالون يتوقون إلى إحداث تحول هيكلي ويطالبون به.

وما تزال المنطقة تواجه عدداً هائلاً من التحديات الجوهرية المترابطة التي تتراوح ما بين انعدام الأمن الغذائي ونقص المياه النظيفة والطاقة، بالإضافة إلى البطالة المستمرة وسط تزايد عدد السكان، والتغير المناخي. كما ازدادت العسكرة ازدياداً كبيراً مما يسمح للنخب الحاكمة بالحصول على دعم استراتيجي من حلفائها الخارجيين، هذا وتنشغل الأنظمة الاستبدادية بمداواة جراحها، مصممة على استخدام “إعادة الإعمار” لإعادة ترسيخ حكمها.  وتستمر الهجرة الجماعية بلا هوادة وتزيد معها أيضاً “هجرة العقول”؛  حيث تشير تقارير إلى أن عشرة آلاف مهندس تونسي غادروا بلدهم منذ 2016  نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، بينما يشير تقرير أصدرته مؤسسة (غالوب) إلى أن 27% من الشباب الأردنيين و29% من “الشريحة الأعلى تعليماً” يرغبون في الهجرة . ولا نبعد عن الإنصاف إذا افترضنا أن عدداً كبيراً من العراقيين واللبنانيين يرغبون في الأمر ذاته. والمنطقة كذلك مليئة بالميليشيات المسلحة التي يصعب تحديد حجمها ومصيرها وسيكون من الصعب بالتأكيد التعامل معها.