يواجه النظام العالمي في الوقت الراهن مرحلة انتقالية حاسمة على الصعيدين الاستراتيجي والسياسي، بالإضافة إلى تغييرات كبيرة في الهيكل الاقتصادي العالمي. هذه التحولات المتسارعة أثارت نقاشات موسعة حول احتمال الانتقال إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث لم يعد فيه الهيمنة حكراً على قوى بعينها، بل تتوزع على عدة مراكز قوى جديدة. ورغم ذلك، تظل منطقة الشرق، بتنوعها وعمقها التاريخي، مهمّشةً إلى حدٍ كبير في هذه التحولات العالمية، باستثناء بعض الأحداث التي جذبت الأنظار إليها مؤقتاً.

في خضم هذه التغيرات، جاءت عمليّة “طوفان الأقصى” وما تلاها من حربٍ إسرائيلية على غزة، لتعيد توجيه الأنظار إلى الشَّرق وتبرز تداعيات سياسية واجتماعية عميقة على المستويين الإقليمي والدولي. هذا الصراع أثار حراكاً اجتماعياً وطلابياً واسع النطاق على مستوى العالم، وبدأ يُحدث تصدُّعَاتٍ ملحوظة داخل المجتمع الدولي، مما أعاد منطقة الشرق إلى مركز الاهتمام العالمي بعد فترة من التهميش.

يتألف الشرق من أربع أمم رئيسية: العرب، والأتراك، والأكراد، والإيرانيون. إلا أن هذه الأمم تعرضت لقطيعةٍ تاريخية خلال القرن الماضي، إذ تباعدت مصالحها وتقلَّصت قنواتُ التواصلِ بينها. وفي ضوء التحولات العالمية الحالية وما تفرضه من تحدياتٍ وفرص، أصبح من الضروري أن تنخرط هذه الأمم في حوارٍ عميق يستهدف إعادة إحياء التكامل التاريخي فيما بينها. هذا الحوار يجب أن يكون مدعوماً بخطوات عملية لرأب الصدع وتعزيز التعاون بما يخدم مصالح المنطقة في إطار النظام العالمي الجديد.

وانطلاقاً من هذه الرؤية، نظم مركز الشرق للأبحاث الاستراتيجية مؤتمراً في مدينة إسطنبول بتركيا، خلال الفترة من 6 إلى 7 يوليو/تموز 2024. هدف المؤتمر إلى جمع نخبة من الخبراء والباحثين وصناع القرار لبحث هذه القضايا وتبادل الرؤى حول ثلاثة محاور رئيسية، بهدف تعزيز النقاش والعمل على وضع أسس جديدة للتعاون بين أمم الشرق في هذه المرحلة الدقيقة.

المحاور:

  • منطقة الشرق واستعادة التواصل التاريخي
  • المشكلات المانعة للتكامل في منطقة الشرق
  • الشرق من الدولة القطرية إلى الفضاء الإقليمي

يعد هذا التقرير ملخصاً للمناقشات والمواضيع التي طرحها المتحدثون والمشاركون خلال المؤتمر الذي استمر يومين.