التأثير الصحي لجائحة كورونا سوف يزول مع الزمن، وسوف تتجاوز البشرية خطره كما تجاوزت أوبئة وطواعين وحروبا سابقة، لكن الأثر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي سيبقى سنوات وربما عقودا قادمة.

الأزمات العالمية شكَّلت عبر الأزمنة نظمنا السياسية والاقتصادية، لأنها تسرِّعُ حركة التاريخ في اتجاهات ثلاث: الأول أنها، وبدافع الضرورة، تحفِّز الناس على اعتناق حلول استثنائية للتعامل مع الخطر الداهم، فتزود المجتمعات والأفراد بالطاقة اللازمة للخروج من إلف العادة إلى ما هو غير مألوف، لا على مستوى السلوك فحسب، ولكن على مستوى الاعتقاد والفكر كذلك.

والثاني أن الأزمات تطيح بالنُظُم الهَرِمَة، اجتماعيةً وسياسية واقتصادية، وتدفع إلى الأمام بمنظومات أخرى واعدة بتجاوز الأزمة، فالأزمة فرصة للإطاحة بالقديم الهرم وولادة الجديد الفتي، بشرط أن يكون القديم قد اشتهر بين الناس فشله، وأن يكون الجديد قادر ا على بث الأمل في النفوس.

الثالث أن الأزمات تسرِّع تغيير موازين القوة الدولية، فتعزز اتجاهات استراتيجية وإن كانت ضعيفة كامنة، وتُضعِف أخرى وإن كانت قوية ظاهرة.