نبذة:

اختلاف أنماط الهيمنة العسكرية والاستراتيجيات التي اتبعتها الحكومات المنتخبة لمواجهة هذه الهيمنة قد تكون هي  العوامل الرئيسية المفَسِّرة للنتائج المختلفة ما بين الانقلاب العسكري الناجح في مصر 2013 وبين المحاولة الفاشلة للانقلاب في تركيا 2016.

فبينما حاول الجيش التركي إرساء هيمنته السياسية على الدولة عن طريق فرض الوصاية الخارجية، استطاع الجيش المصري ترسيخ هيمنته عن طريق التسلل إلى الدولة واستيطانها من الداخل. وبينما تبنت حكومة حزب العدالة والتنمية التركي استراتيجية تمزج بين الاستيعاب والمواجهة للتصدي لقوة الجيش السياسية، لجأ حكام مصر المتعاقبون إلى استراتيجية الاسترضاء، حتى بعد ثورة 2011، وهي الاستراتيجية التي لم تسفر إلا عن مزيد من النفوذ السياسي للجيش على الدولة.

ولذا، وعلى العكس من المدنيين الأتراك الذي واجهوا محاولة الانقلاب بحسم واتحاد، كانت القوى السياسية المدنية في مصر شديدة الانقسام والتردد في الوقوف سوياً في وجه الجيش.

المقدمة:

تعريف الانقلاب ليس سهلاً كما يبدو، إذ أنه من المهم ابتداءاً التفريق بينه وبين السبل العنيفة الأخرى التي قد تطيح بالنظام الحاكم مثل الثورات والثورات العسكرية والحروب الأهلية وغيرها، ومن ناحية أخرى يجب التفريق بينه وبين المؤامرات أو الضغوط السياسية التي قد تتعرض لها الحكومة المُنتخَبة لتغيير سياساتها أو حتى لحملها على تغيير قيادتها. يقترح جوناثان باول وكلايتون ثاين تعريفاً عملياً ومحدداً، ويُعَرِّفان الانقلاب بكونه “محاولات علنية وغير قانونية على يد الجيش أو غيره من النخب داخل جهاز الدولة للإطاحة بالسلطة التنفيذية”.

ويحدد هذا التعريف أربعة معايير أساسية لتُوصَف أي محاولة لتغيير النظام بكونها انقلاباً عسكرياً:

  • أن تكون محاولة حقيقية واضحة، لا محض مؤامرة وتهديد.
  • استخدامها طرقاً غير قانونية.
  • ارتكابها على يد فصيل منظم من داخل جهاز الدولة (سواء من المؤسسة العسكرية أو خارجها)، لا على يد محتل أجنبي أو ميليشيا شعبية.
  • استهدافها لزعيم الدولة أو رأس السلطة التنفيذية، لا لفرد صاحب منصب أدنى.

ويُعَّد هذا التوضيح المفاهيمي خطوة مبدئية هامة لتجنب المصطلحات السياسية المراوغة والتأطير الكاذب الذي قد يصف، عن قصد، الانقلاب العسكري الدموي في مصر بـ”الثورة الشعبية” أو محاولة الانقلاب في تركيا بـ”الانتفاضة التركية”.

بين جمهورية تحت وصاية الضباط وجمهورية يستوطنها الضباط

تشير البيانات الإحصائية إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي أرض خصبة للانقلابات العسكرية، فمن بين 457 محاولة للانقلاب جرت بين عامي 1950 و2010، شهدت المنطقة 72 محاولة للانقلاب أو ما يساوي 15.8% مما شهده العالم (الأشكال البيانية 1-3). علاوة على ذلك، شهدت المنطقة العديد من الاضطرابات السياسية التي تلت الربيع العربي في 2011، كما شهدت العديد من البلدان محاولات للانقلاب العسكري، أبرزها الانقلاب على محمد مرسي، أول الرؤساء المصريين المدنيين المنتخبين ديمقراطياً في 2013، ومحاولة الانقلاب الأخيرة التي شهدتها تركيا في يوليو/ تموز 2016.

Picture1

الشكل رقم 1: توزيع والمعدل العالمي للانقلابات العسكرية في الفترة من (1950 – 2010)

Jonathan M Powell & Clayton L Thyne, “Global instances of coups from 1950 to 2010: A new dataset”, Journal of Peace Research 48 (2); 252.

Picturea1

Picature1

تُعد مصر وتركيا دولاً عُرضة للانقلاب وتتشاركان العديد من الصفات فيما يخص طبيعة المؤسسة العسكرية وعلاقتها بالدولة، وهو ما قد يفسر هذه الهشاشة.

بدايةً، لعب الجيش في الدولتين دوراً محورياً في إنشاء الجمهورية، سواء خلال حرب للاستقلال وما تلاها كما في الحالة التركية في عشرينات القرن الماضي، أو بعد إنهاء الاحتلال البريطاني والإطاحة بالملكية، كما حدث على يد حركة الضباط الأحرار في مصر في الخمسينات. وهي الوقائع التي أسفرت عن إحساس جيوش الدولتين بنوع من “امتلاك” الدولة، كما جاء على لسان الجنرال شفيق بير، نائب القائد العام للقوات المسلحة التركية في التسعينات، “نحن أنشأنا هذه الجمهورية ونحن من سيحميها”.

بالإضافة إلى ذلك، جعل هاجس اندلاع الحرب مع دول الجوار كلا الجمهوريتين منذ نشأتهما “دول حرب” ، وهي التي وتعرَّف بكونها الدول “شديدة الانشغال بالاستعداد العسكري ما يؤدي إلى تخلله كل مستويات الاقتصاد والمجتمع والثقافة”.

بالتالي كانت العلاقة معقدة بين المؤسسات العسكرية من ناحية وبين أجهزة الدولة والحكومات المنتخبة من ناحية أخرى، في كلتا الدولتين، لكن هذه العلاقة، على الرغم من تشابهها، سلكت مسارات مختلفة في البلدين.

في تركيا، ولوقتٍ طويل، اضطلع الجيش بدور وصائي على الحكومة المدنية، منقلباً عليها كلما شعر بتهديدها للمبادئ الكمالية المؤسسة للجمهورية التركية، وهي المبادئ الغامضة شديدة العموم أحياناً. ونجح الجيش في الانقلاب أربع مرات بالفعل: في 1960 ضد الحزب الديمقراطي وقيادته عدنان مندريس، وفي 1971 لاستعادة “الاستقرار” بعد العنف والفوضى السياسية التي ارتكبتها الجماعات اليسارية، وفي 1980 حين بلغ العنف الأيدلوجي والسياسي مستويات خطيرة مرة أخرى، وأخيراً في عام 1997 الذي شهد “الانقلاب الصامت” على رئيس الوزراء الإسلامي نجم الدين أربكان بسبب زعم تهديد أفعاله وخطابه وسياساته “لعلمانية” الدولة.

يمكن تصنيف هذه الأنواع من الانقلابات العسكرية وفقاً لنموذج صموئيل هنتنغتون باعتبارها “انقلابات الوصاية” وهي التي تشهد تحول الجيش إلى “وصي محافظ يعمل على حماية النظام القائم” من القوى التقليدية “الرجعية” أو الجماعات الراديكالية “التقدمية” على حد سواء.

أما في الحالة المصرية، فكان الوضع مختلفاً. فقد صنف هنتنغتون الانقلاب العسكري الذي قادته حركة الضباط الأحرارفي 1952، والذي أرسى دعائم الجمهورية المصرية، على أنه “انقلاب اختراقي”. في هذا النوع دبر الجيش، الذي مثل طليعة القومية والعامل الأكثر تنظيماً وتماسكاً في الطبقة الوسطى “الجديدة”، انقلاباً للإطاحة بالحكومة التقليدية التابعة للملك وخَلَق نظاماً جديداً، وبعد تدعيم النظام بانقلاب “قصر” آخر صغير على الجنرال محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية المصرية، لم يجد الجيش حاجةً لتدبير أي انقلابات أخرى إلى أن حلَّ الربيع العربي (الجدول 1).

Pictuaare1

اتبعت المؤسسة العسكرية المصرية استراتيجية مختلفة عن نظيرتها التركية، فعلى العكس من استراتيجية التدخل ثم الخروج التي تبناها الجيش التركي، فرض الجيش المصري هيمنته السياسية عبر التغلغل في هيكل الدولة واستيطانه. وبالتالى جاء رؤساء مصر المتعاقبون من الجيش: محمد نجيب (1953-1954) وجمال عبد الناصر (1956-1970)، وأنور السادات (1970-1981) وحسني مبارك (1981-2011). كما تمكن العديد من كبار قادة الجيش من الحصول على مناصب عليا داخل هيكل الدولة المدني (خاصة في الحكومة وأجهزة الأمن ومؤسسات الرقابة الإدارية وغيرها من المرافق العامة المملوكة للدولة). وهو ما حدا بأحد مدراء الأكاديمية العسكرية للقول بأن طلابهم هم قادة المستقبل: الوزراء والمحافظون وقادة الجمهورية والسفراء والمدراء.

بالإضافة لذلك يُسمح للمؤسسة العسكرية المصرية بالتحكم في ميزانتيها الخاصة، وما تتضمنه من المساعدات العسكرية الأميركية بالإضافة لشبكة هائلة من الأنشطة الاقتصادية العسكرية وغير العسكرية، أي أنها تتمتع بحكم ذاتي فعلي وحصانة من الرقابة والمساءلة البرلمانية.

باختصار، بينما حاول الجيش التركي فرض هيمنته السياسية عبر الوصاية على الدولة من الخارج، استطاع الجيش المصري التغلغل في الدولة من الداخل واحتلالها.

من المثير للاهتمام أن الجيش المصري، بعدما أخذ على حين غرة في 2011، بدأ التفكير في نموذج الوصاية التركي للهيمنة السياسية. التظاهرات الحاشدة التي شهدتها أرجاء البلاد لما يزيد على أسبوعين، أجبرت الجيش على القيام بما بدا حينها “انقلاب ديمقراطي” على مبارك. لم يكن الخوف من الفوضى وتصاعد العنف أو الانشقاقات العسكرية هي الأسباب الوحيدة وراء قرار الجيش دعم المحتجين والانحياز إلى صفوفهم، بل شاركت عوامل أخرى في الوصول إلى هذا القرار مثل عدم رضا الجيش عن إمكانية توريث الحكم إلى جمال مبارك، بالإضافة إلى تصاعد النفوذ السياسي للشرطة وغيرها من قوات الأمن، والتدهور الاقتصادي والركود.

أما بعد تظاهرات الربيع العربي، وحين بدا أن الجمهورية المصرية سيتحتم عليها إجراء تغييرات هائلة ستطال ربما “مستوطنات” الجيش بهيكل الدولة، قرر الجيش المصري التحول إلى نموذج “الوصاية” في الهيمنة السياسية. ووفقاً لذلك، أظهر الجيش قبوله بحكم مدني، لكنه طالب بوضح خاص في الدستور يكفل له استقلاليته أمام الحكومة المنتخبة، بالإضافة إلى الوصاية على القضايا السياسية الرئيسية مثل الأمن القومي وهوية الدولة، إلا أن الأحداث التالية يسرت له العودة لنموذج الاستيطان مرة أخرى.

ترويض الجيش: الجزر أم العصا؟

العامل الثاني الذي حدد نتيجة المواجهة المدنية العسكرية في كل من مصر وتركيا تمثل في الاستراتيجيات المختلفة التي تم تبنيها رداً على الهيمنة السياسية للجيش. ويعد ترويض الجيش، في الدول المعرضة للانقلابات، هي أحد أصعب المهام التي يتوجب على الحكومة المنتخبة الاضطلاع بها.

في الحالة المصرية، اتُخِذَت مجموعة من الإجراءات لمنع وقوع انقلاب آخر، ففي عهد عبد الناصر، توصل عبد الناصر إلى اتفاق هش مع المشير عبد الحكيم عامر يقضي له بالسماح بإدارة الشؤون العسركية بحرية نظير دعمه السياسي، إلا أن هذا الاتفاق انهار سريعاً بعد هزيمة مصر أمام اسرائيل في 1967. بينما استغل السادات إنجازه العسكري في حرب 1973 لبناء علاقة أكثر صحية بين الجيش والدولة، محاولاً زيادة احترافية الجيش عن طريق توفير تعليم أفضل وتدريبات ومعدات أفضل. كما أنشأ قوة شبه عسكرية (قوات الأمن المركزي) لموازنة قوة الجيش النظامي. كما أنه شجع تغيير وزير الدفاع ورئيس الأركان دورياً لتفادي تنامي أي سيطرة شخصية على القوات المسلحة. أما مبارك فسمح للجيش بزيادة أنشطته الاقتصادية، لضمان ولائه، لتشمل منتجات عسكرية وغير عسكرية، بالإضافة إلى (المجمع الصناعي العسكري) خارج المنظومة المحاسبية للدولة، كما سُمح له بإنشاء شبكته الخدمية الخاصة من مستشفيات ونوادي ومساكن وما إلى ذلك.

أي أن الإجراءات التي اتخذها حكام مصر المتعاقبون للحماية من الانقلابات أفضت في النهاية إلى تيسير تغول الجيش، وتوطيد هيمنته السياسية على الدولة.

أما على الجانب الآخر، بدأت الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية، منذ مطلع الألفية، سلسلة من الخطوات غير المسبوقة لتقييد قوة الجيش. ووفرت عمليات التفاوض للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي غطاءاً مناسباً للحكومة للقيام بإصلاح العلاقات المدنية العسكرية. تضمنت هذه الخطوات تعديلات دستورية وتغييرات قانونية لزيادة عدد الأعضاء المدنيين في مجلس الأمن القومي، وهو ما قلل من دوره لاحقاً ليصبح مجرد هيئة استشارية مسموح لها بمراقبة النفقات العسكرية والدفاعية، كما قامت الحكومة التركية بإلغاء المحاكم الأمنية، وسمح للمحاكم المدنية بمحاكمة ضباط الجيش المتهمين بارتكاب جرائم ضد النظام الدستوري وأمن البلاد، ومنع المحاكم العسكرية من محاكمة المدنيين في وقت السلم، وسلب مجلس الأمن القومي قدرته السابقة غير المحدودة على  دخول الجهات الرسمية.

سُبقت هذه التغييرات أو اقترنت بمواجهات علنية بين الحكومة والجيش بدءاً من  2007 وحتى 2011/2012. شهدت هذه الفترة على سبيل المثال امتداد السيطرة المدنية لتشمل السيطرة على ترقيات وتعيينات المناصب العسكرية، كما اعتقلت المحاكم المدنية مئات من ضباط الجيش الحاليين والمتقاعدين وحاكمتهم بتهمة التورط في محاولة الانقلاب على الحكومة. علاوة على ذلك، حوكم من تبقى من قادة انقلاب 1980 في يناير/كانون الثاني 2012. وتفسر هذه التطورات سبب انخفاض التأثير الناتج عن إصدار الجيش لمذكرة إلكترونية في 2007 اعتراضاً على ترشيح حزب العدالة والتنمية عبد الله جول لرئاسة الجمهورية، وعدم استمرار نفوذه السابق على السياسة المدنية مقارنة بما كان عليه الوضع من قبل خلال انقلاب مذكرة 28 فبراير/ شباط 1997.

باختصار قررت حكومة العدالة والتنمية منذ مطلع الألفية العمل على كبح جماح الجيش عن طريق القيود القانونية والمؤسسية، مدعومة بشرعية داخلية راسخة ومناخ دولى مناسب. بينما على الجانب الآخر فضلت الحكومات المصرية المتعاقبة، خاصة في عهد مبارك، العمل على إرضاء الجيش وزيادة مزاياه الاقتصادية والسياسية لضمان ولائه.

من الجدير بالذكر أن محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 2011، قرر اتباع استراتيجية “الاستمالة والتهدئة” مع الجيش، بعد عدة محاولات للمواجهة. فبالإضافة لاحتفاظ الجيش بالمزايا الاقتصادية واستقلالية المجمع الصناعي العسكري وعدم خضوعه للمساءلة، خلق دستور 2012 كياناً جديداً أضفي طابعاً مؤسساتياً على الدور السياسي للجيش،إذ نص الدستور على مسؤولية مجلس الدفاع الوطني، المكون من14 فرداً من ضمنهم 8 ضباط، عن الحفاظ على أمن وسلامة البلاد والمصادقة على ميزانية القوات المسلحة، بالإضافة إلى مشاورته حول مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة. كما حصَّن الدستور العسكريين من المحاكمة أمام المحاكم المدنية في الوقت الذي سمح فيه للمحاكم العسكرية بمحاكمة المدنيين.

يمكن للمرء القول بأن موقف الرئيس مرسي كان أكثر ضعفاً من المخاطرة بمواجهة الجيش مقارنة بحزب العدالة والتنمية في تركيا، إلا أنه على الجانب الآخر، يمكن لآخرين لومه على الفشل في استغلال زخم الثورة المصرية في نزع عسكرة الجمهورية المصرية.

الخاتمة:

بالعودة إلى المشاهد التي جرت في مصر في يوليو/تموز 2013 وفي تركيا في يوليو/تموز 2016، حين عاد العسكريون لمواجهة الحكومات المدنية مرة أخرى، يمكننا أن نرى كيف قادت العوامل السابق ذكرها إلى نتائج مختلفة لهذه المواجهات.

في الحالة المصرية، دُبر الانقلاب العسكري على يد جيش غير منقسم، متبعاً سلسلة القيادة المعتادة، ومدعوماً من قبل جهاز الدولة بأكمله بفضل تغلغل الجيش واستيطانه لمفاصل الجمهورية المصرية. أما في تركيا، انخفض النفوذ السياسي للجيش التركي جراء القيود القانونية والمؤسساتية، كما حدَّت الحكومة المدنية، على مدار العقد الماضي، من الأدوات التي يمكنه اللجوء إليها واستخدامها لفرض وصايته، لذا كانت محاولة يوليو/تموز 2016 محاولة خارج سلسلة القيادة، ولم يمثل الانقلابيون سوى فصيل محدود من الجيش، وعلى الرغم من أن محاولة الانقلاب شملت نسبة كبيرة من كبار ضباط الجيش، إلا أنها لم تشمل الجيش كله، ناهيك عن أجهزة الدولة بأكملها.

كما أن استراتيجة الجيش التركي في التدخل ثم الخروج من الحياة السياسية سمحت بظهور سياسة مدنية أكثر نضجا وتطوراً في الفترات الديمقراطية البينية (بمعنى: أحزاب سياسية أكثر شرعية، وطبقة سياسية أكثر تماسكاً، ووعي سياسي أكثر نضجاً). أما في الحالة المصرية، أسفر النظام السلطوي المستمر والخاضع للهيمنة العسكرية عن طبقة سياسية مدنية هشة وحياة حزبية شكلية ووعي سياسي مشوه. ولذا، وعلى العكس من المدنيين الأتراك الذي واجهوا محاولة الانقلاب بحسم ووحدة، كانت القوى السياسية المدنية في مصر أكثر انقساما وترددا في مواجهة الجيش.