فلسطين

“طوفان الأقصى”

شنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم السبت 7 أكتوبر 2023، هجوم مسلح على مواقع عسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، رداً على الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وُصف الهجوم بأنه هجوم غير مسبوق، حيث أطلق المقاومون آلاف الصواريخ، وتسللوا إلى الحدود شديدة التحصين في عدة مواقع برًا وبحرًا وجوًا، مما أدى إلى صدمة عمت أرجاء “اسرائيل” في نهاية عطلة الأعياد لديهم، وأدى الهجوم إلى مقتل ما لا يقل عن 1300 شخص حتى اللحظة وإصابة الآلاف واحتجاز العشرات من الرهائن، مما يجعله الهجوم هو الأقوى على إسرائيل منذ سنوات، فيما أعلنت إسرائيل الحرب على حماس، ردًا على الهجوم الصعب التي تعرضت له، كما وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط شعبية مكثفة للردّ على حماس.

يواصل الاحتلال الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة بغاراته الجوية المدمرة على الأحياء السكنية في قطاع غزة لليوم السابع على التوالي. في ذات الوقت، ترد المقاومة الفلسطينية بإطلاق وابل من الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة.

وبلغ عدد الشهداء منذ اليوم الأول للعدوان أكثر من 1400 شهيد، إضافة إلى 6000 جريح. ووفقا للأرقام التي قدمتها الأمم المتحدة، فقد تم تدمير أكثر من 1000 وحدة سكنية، ونزح ما يقرب من 338 ألف مدني من منازلهم داخل قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 15 عاما.

كما فرضت الحكومة الإسرائيلية حصارًا شاملاً على غزة، يشمل إغلاق جميع المعابر وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء والطاقة. وقد أدى ذلك إلى أزمة إنسانية حادة في القطاع، مع نقص السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك الإمدادات الطبية.

وهناك مخاوف من أن يكون ذلك مقدمة لغزو بري لغزة وإعادة احتلال عسكري للقطاع، ما يجعل الوضع مثير للقلق بالأعداد الكبيرة من المدنيين في غزة، حيث يعيش أكثر من مليون شخص في قطاع غزة.

وقد أعرب المجتمع الدولي عن قلقه إزاء الوضع في غزة، حيث دعت العديد من الدول إلى وضع حد فوري لأعمال العنف واستئناف محادثات السلام بين إسرائيل وفلسطين، ومع ذلك، لم يتم إحراز تقدم يذكر نحو التوصل إلى حل، ولا يزال الوضع في تصاعد مستمر.

أمريكا تعلن دعمها المطلق لإسرائيل

أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في تصريح علني يوم السبت أن دعم بلاده لإسرائيل “راسخ” و”لا يتزعزع” بعد الهجوم الذي نفذته حركة حماس، وتعهد الرئيس الأمريكي بتقديم “الدعم الكامل” لإسرائيل، وهو ما تجلى على أرض الواقع  بإرسال ذخائر لإسرائيل إلى جانب نشر سفن حربية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهو ما اُعتبر تحذيرًا ضمنيًا لإيران التي تقدّم دعماً حماس، ودعت الولايات المتحدة أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى: الذي عقد جلسة طارئة الأحد، لإصدار إدانة “شديدة” لهجوم حماس، فيما سعت موسكو إلى دعم العودة إلى عملية السلام في الشرق الأوسط.

وتباينت المواقف الدولية بشأن الوضع في الأراضي الفلسطينية، حيث برزت دعوات لوقف العنف الإسرائيلي المفرط ضد سكان غزة، وفي الوقت نفسه، بدأ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جولة إقليمية سوف تشمل عدة دول عربية لبحث الوضع في إسرائيل وغزة في إطار جولة إقليمية بدأت في تل أبيب يوم الخميس.

وذكر بلينكن في مؤتمر صحفي بعد لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيلتقي بالملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقادة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر، وأضاف: “إننا نبذل كل ما في وسعنا لضمان إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين، لقد التقيت بعائلاتهم وعائلات الأمريكيين الذين قتلتهم حماس”.

ولدى وصوله إلى تل أبيب، انتقد بلينكن حماس بشدة، وذكر أيضًا أنه يزور إسرائيل ليس فقط كوزير خارجية أمريكي ولكن كيهودي، مؤكدًا دعم بلاده الثابت لـ “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”.

أما رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار فقد قال أن إسرائيل تمارس العقاب الجماعي في غزة وليس لها الحق في انتهاك القانون الدولي، وذكرت وكالة الأنباء البريطانية “بي إيه ميديا” أن رئيس الوزراء الأيرلندي دعا أيضا إلى فتح ممر إنساني للسماح بوصول المساعدات للفلسطينيين.

وقال فارادكار للإذاعة والتلفزيون الأيرلندي “إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن ليس لإسرائيل الحق في ارتكاب الظلم”. وأعرب عن قلقه إزاء ما يحدث في غزة في هذه اللحظة.

وأوضح أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي الإنساني بمعاقبة المدنيين الفلسطينيين، وأن أيرلندا ستسعى إلى فتح ممر إنساني للسماح بوصول المساعدات إلى غزة، على الطرف الآخر أيضًا فقد قرر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين حظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد، إلا أن ذلك لم يمنع خروج مسيرات في باريس ومدن أخرى احتجاجا على الهجمات الإسرائيلية على غزة، والتي أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا خلال الأسبوع الماضي.

وأصدر دارمانين تعليمات للسلطات المحلية بحظر التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين من خلال بيان نشر على موقع وزارة الداخلية الفرنسية، وبرر الوزير الفرنسي الحظر بالقول إن هذه التظاهرات يمكن أن تؤدي إلى “الإخلال بالنظام العام” في فرنسا، ورغم الحظر المعلن، تجمع المئات في ساحة الجمهورية بباريس ، للتنديد بالقصف الإسرائيلي المستمر على غزة.

وفي سياق متصل، صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط، وجوهر القضية هو الفشل في تحقيق “العدالة” للشعب الفلسطيني.

وذكر وانغ أيضًا خلال اتصال هاتفي مع سيرجيو أمارال، كبير مستشاري رئيس البرازيل، أن الصين تعارض الأعمال التي تضر بالمدنيين وتدين انتهاكات القانون الدولي.

من ناحية أخرى، حثت الخارجية الروسية إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة للسماح بدخول الغذاء والدواء، وذكرت الخارجية الروسية في بيان صحفي أنه من غير المقبول ما وصفته بالقصف “العشوائي” على القطاع غزة، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين. وجاء هذا التصريح بعد اتصال هاتفي بين ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، وحسين الشيخ الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحثا خلاله الوضع في غزة.

الدعم الغربي لإسرائيل

أصدر رؤساء كل من الولايات المتحدة الأمريكية، ورئيس وزراء المملكة المتحدة ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، و الرئيس الإيطالي بيانا مشتركًا أعربوا فيه عن “دعمهم الثابت والموحد” لإسرائيل، ونددوا فيه بالهجمات التي تشنها “حماس” وبما وصفوها “أعمال الإرهاب الشنيعة” التي ارتكبتها، في حين قال البيت الأبيض إنه ليس لدى واشنطن أي نية لنشر قوات عسكرية على الأرض.

وذكرت وزارة الخارجية الإيطالية أن روما جددت تأكيد دعمها الكامل لإسرائيل بعد اعتداء فصائل المقاومة عليها، وأبلغ وزير الخارجية أنطونيو تاجاني نظيره الإسرائيلي يائير لابيد، في اتصال هاتفي، أن الحكومة الإيطالية ستبذل قصارى جهدها لمنع تصعيد الصراع في الشرق الأوسط وضمان عدم وصول الأموال إلى حماس.

أما منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فقد أعلنت أن بلدانها تعرب عن “تضامنها” مع إسرائيل بينما تدعو في الوقت نفسه إلى رد “متناسب” على هجوم حماس، وقال الناتو في بيان صدر بعد استئناف اجتماعات وزراء دفاع الحلف المنعقدة في بروكسل يوم الأربعاء، إن “الحلفاء أعربوا عن تضامنهم مع إسرائيل، وأوضحوا أن لها الحق في الدفاع عن نفسها بطريقة متناسبة ضد هذه الهجمات” الأعمال إرهابية غير مبررة”، كما دعا الحلف حماس إلى إطلاق سراح جميع السجناء الذين تحتجزهم “فورا” وأدان بشدة ما وصفه بـ”الهجمات الإرهابية”.

موقف تركيا

تواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيريه الفلسطيني والإسرائيلي، وأكد لمحمود عباس أن تركيا تبذل قصارى جهدها لإنهاء الصراعات وإحلال الهدوء في المنطقة في أسرع وقت ممكن، على الجانب الآخر فقد قدم الرئيس التركي تعازيه الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ، وأشار إلى أن أي عمل قد يلحق الضرر بسكان غزة بشكل جماعي وعشوائي سيؤدي إلى زيادة المعاناة ودوامة العنف في المنطقة.

وفي تصريحاته الأخيرة قال الرئيس التركي أن شدة الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة “وصلت حد المجزرة” بحق الشعب الفلسطيني، ولا يمكن إيجاد تفسير لها بأي شكل.

دعوة عربية لوقف التصعيد في غزة

شدد أمير دولة قطر، الشيخ تميم على أهمية بذل الجهود لإيقاف التصعيد وتجنيب المدنيين تبعات القتال، وشدد أيضًا على ضرورة فتح ممرات آمنة في غزة لجهود الإغاثة الإنسانية، لمنع توسع العمليات العسكرية في المنطقة، حيث تتمسك دولة قطر بموقفها الثابت في إدانة استهداف المدنيين، وحملت اسرائيل مسؤولية ما قامت به حماس باعتباره كان رد فعل طبيعي على الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وما يعانيه القطاع من حصار.

فيما صرحت وزارة الخارجية السعودية في بيان أصدرته حول الأوضاع في قطاع غزة : “تتابع المملكة العربية السعودية عن كثب تطورات الأوضاع غير المسبوقة بين عددٍ من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، مما نتج عنها ارتفاع مستوى العنف الدائر في عددٍ من الجبهات هناك.. وتدعو المملكة للوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس”.

من جهتها أصدرت الخارجية المصرية بيانا حذرت فيه من “مخاطر وخيمة للتصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي” داعية إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.

وكما دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى اتخاذ خطوات لمنع تفاقم أزمة غزة، كما أدانوا ما وصفوه بـ”العقاب الجماعي” الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين.

وفي بيان صدر بعد اجتماعهم في العاصمة الأردنية عمان، الخميس، حذروا أيضًا من تزايد العنف وانتشاره وسط تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على غزة في أعقاب هجوم غير مسبوق لحماس.

وجدد عباس رفضه “قتل المدنيين” في الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، داعيا إلى وقف “العدوان” في غزة، وقال: “نرفض الممارسات المتعلقة بقتل أو تعذيب المدنيين من الجانبين لأنها تنتهك الأخلاق والدين والقانون الدولي”.