ماذا حقق بوتين من مغامرة التدخل في سوريا حتى الآن؟

بدأت عملية التدخل الروسية في سوريا منذ 30 ايلول/سبتمبر، أي أن أكثر من شهرين مضيا عليها حتى الآن .
بدأت عملية التدخل الروسية في سوريا منذ 30 ايلول/سبتمبر، أي أن أكثر من شهرين مضيا عليها حتى الآن .
يوما بعد يوم يبتعد المجتمع الدولي عن المشكل الحقيقي في سوريا، ويتجه نحو اختزال القضية في مسألة الإرهاب فقط، وتلتحق الدول واحدة تلو الأخرى بالتحالف الذي يفترض أنه يقوم بقصف مواقع تنظيم الدولة في سوريا. في هذه السماء السورية المكتظة بالطائرات، توجد إلى حد الآن 14 دولة، تسيّر مقاتلاتها تحت ذريعة إضعاف وتدمير الإرهاب.
حتى قبل إسقاط الطائرة، كانت تركيا قد فشلت في تحقيق الاستفادة التجارية من العقوبات الغربية المسلطة على روسيا.
إنّ عبارة "الإسلام الأوروبي" هي عبارة حمّالة لمعان مختلفة، بحسب من يستعملها، إذ أن بعض الشبان المسلمين في أوروبا قد يستعملون هذه العبارة للتأكيد على أنهم أوروبيون بالدرجة الأولى، وبالتالي يوفرون على أنفسهم عناء الاستماع إلى المحاضرات المكررة حول الاندماج. كما أن بعض السياسيين الأوروبيين قد يستعملونها للتأكيد على الحاجة لتجريد الإسلام من كل التأثيرات الخارجة عن قارتهم.
ازداد التوتر في العلاقة بين تركيا وروسيا، على إثر تزايد التدخل الروسي في سوريا، وقد ترك ذلك أثراً مريراً بعد حادثة إسقاط الطائرة. فمع تراجع نظام الأسد وضعفه، بدأت روسيا بالتدخل بشكلٍ مباشرٍ في سوريا، وفسّرت تركيا ذلك بعودة سنوات الحرب الباردة. وأدى التدخل الروسي في صراعات المنطقة بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، إلى تفكير الناس في أوجه الشبه بين هذه الفترة وفترة الخنسينات، بينما تحاول روسيا ملأ الفراغ الذي تركه عدم التدخل الأمريكي.. وفي تلك السنوات، وكعضو جديد في تحالف الناتو، كانت تركيا قلقة جداً حيال العلاقات الأيديولوجية والعسكرية بين الاتحاد السوفييتي وسوريا. والآن، مع طول مدة الصراع في سوريا، وزيادة تدخل روسيا، تظهر مخاوف من سيناريو مشابه –قد يأخذ صورة مختلفة- في العلاقات التركية السورية.
يعطي الاتحاد الأوروبي انطباعاً يوحي بدعمه الاستقرار الاستبدادي في سوريا بدلاً من دعم الاستقرار الديمقراطي، والذي سيكون له أثرٌ على المدى الطويل.
يبدو أن تركيا تعمل جاهدة لتهدئة الأوضاع مع روسيا، إلا أنه من المستبعد أن تلتزم الصمت تجاه مصالحها المهددة في سوريا.
تركيا بقوتها العسكرية الهائلة، ونمو اقتصادها المزدهر، وقطر بما تملكه من مواردها من الغاز الطبيعي، إضافة إلى مهاراتها الدبلوماسية الناجعة، تعدان من القوى الناشئة في الشرق الأوسط، اللتان تعملان بحيوية على إيجاد حلول للنزاع القائم في المنطقة، واللتان تدعمان تحولا تدريجيا فيها.
كاميرون تحدث بكل واقعية عن ضرورة انضمام بريطانيا إلى قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، ليس فقط في العراق بل أيضا في سوريا، مقدماً أمام البرلمان الأسباب التي يراها مبررةً لهذا الانضمام. ليس هناك شيء غريب في ما حصل على نحوٍ استثنائي، خصوصاً عندما تُحرك الآلةُ الديمقراطية لأجل خدمة قضية تمس حياة المواطنين وينطوي عليها إهدار للموارد المادية والمعنوية. لكن الذي أثار قلق مجلس نواب بريطانيا كان كارثة الحرب البريطانية أمريكية في العراق، ولربما لم يضطر كاميرون لطلب تأييد البرلمان في قصف تنظيم داعش داخل سوريا لو لم يكن لقرار حكومة بلير بالمشاركة في غزو العراق عام 2003 الأثر البليغ على السياسات الداخلية لبريطانيا وعلى الوضع الراهن والمُتأزم في العراق.
أردوغان وبوتين قارئين للتاريخ، ولدى كل منهما قناعات تاريخية مستقرة، ظهر ذلك في خطابات الرئيسين وحملاتهما الانتخابية. ولكن ينبغي الحذر من اعتبار التاريخ على أنه المحرك الرئيس للعلاقات بين الدول، ولا سيما الدول ذات المصالح المتشكلة والجغرافيا المستقرة، وفي حالة تركيا وروسيا فلكل من الدولتين ما يجعل العلاقات بينهما محكومة بضرورات الجغرافيا لا مرارات التاريخ.