تمهيد: حين أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية عن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 17 سبتمبر/أيلول 2019، أحدثت هذه النتيجة صدمة هزت المجال السياسي بأكمله، وفاجأت بشكل خاص الأحزاب السياسية التي في السلطة. فمن جهة، لم ينجح أي من الأحزاب في الوصول بمرشحيهم إلى الجولة الثانية، ومن جهة أخرى، كان تفوق المرشحين الناجحين غير متوقع، إذ نجح كلاهما في الوصول إلى المرحلة الثانية دون خبرة سياسية تذكر. المنافس الأول قيس سعيد أكاديمي ذو رؤية ثورية وخطاب متناسق، معظم ناخبيه هم شباب متعلمون تجمعوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والمنافس الثاني هو نبيل القروي، والذي حصد شهرته من خلال قناته التلفزيونية وعمله الخيري لكنه يقبع حاليًا خلف القضبان، إذ اعتقل قبل أيام قليلة من بدء الحملة الانتخابية. وبغض النظر عن نتيجة الجولة الثانية، فإن التحول الديمقراطي التونسي قد وصل بالفعل إلى مستوى متقدم وينبغي أن ينتقل إلى مرحلة ترسيخ تلك الديمقراطية. ومع ذلك، فإن مهمة القيادة الجديدة لن تكون سهلة وسط توقعات ببرلمان مجزأ وحكومة هشة ورئيس منعزل.