بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في سوريا في مايو/أيار 2021، شهدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (AANES) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) احتجاجات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. فقد أدى تدهور مستويات المعيشة الاقتصادية المقترنة بالتجنيد العسكري القسري لقوات سوريا الديمقراطية إلى قيام الناس بتنظيم احتجاجات، لا سيما في المناطق المأهولة بالعرب. ونظرًا لأن تحسُّن مستويات المعيشة المتدنِّية والمشاكل الأمنية في شمال شرق سوريا لا يبدو أمرًا يمكن تحقيقه في أي وقت قريب، فمن المرجَّح أن تشهد مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا المأهولة بالعرب مقاومة قبلية يثيرها النظام السوري. من خلال النظر في التطورات الجارية في مناطق الإدارة الذاتية والديناميكيات المتغيرة باستمرار بين مختلف الجهات الفاعلة على أرض الواقع في شمال شرق سوريا، يقدِّم هذا الموجز بعض السيناريوهات السياسية والأمنية المحتملة التي قد تواجهها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الفترة المقبلة.
مقدمة
تشهد المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، اضطرابًا سياسيًّا واقتصاديًّا منذ فترة طويلة. وتفاقم هذا الحال على أرض الواقع على وجه التحديد بعد الانتخابات الرئاسية السورية التي جرت في مايو/أيار 2021. فقد اندلعت الاحتجاجات في أجزاء مختلفة من أراضي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بعد الانتخابات الرئاسية، التي وصفتها الكيانات المعارضة المختلفة بأنها صورية[1]، بما في ذلك المناطق المأهولة بالعرب التي كانت نقطة ضعف للإدارة الذاتية منذ سنوات. وقد لاقى بعض الأشخاص[2] حتفهم في المناطق المأهولة بالعرب، مثل الشدادي[3] ومنبج، بعد تدخل قوى الأمن الداخلي (الأسايش) للإدارة الذاتية في الاحتجاجات. ومن المعروف أن المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع خاصَّة بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية وإجبار قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب على التجنيد العسكري منذ عام 2014.
نظرًا لأن الواقع في شمال شرق سوريا أصبح ميؤوسًا منه، فإن الجهات الفاعلة المختلفة المشاركة في الصراع السوري تهدف إلى إعادة تشكيل الوضع السياسي والعسكري والأمني في البلاد. ومن المتوقع حاليًّا أن يستمر الوضع السياسي الراهن في سوريا في الفترة المقبلة، كما أن المناخ الأمني والعسكري في البلاد غير واضح بشكل متزايد. أما بالنسبة إلى السيناريوهات المتعلقة بمستقبل الإدارة الذاتية، فيمكن القول إن الوضع أكثر تعقيدًا من بقية أجزاء سوريا نظرًا لوجود أطراف مختلفة تراقبها عن كثب.
سيناريوهات أمنية محتملة لشمال شرق سوريا
بعــد النظــر فــي الديناميكيــات المتغيــرة باســتمرار بيــن مختلــف الجهــات الفاعلــة فــي الصــراع فــي شــمال شــرق ســوريا، يمكــن القــول إن الســيناريوهات الثالثــة أدنــاه ممكنــة فــي الفتــرة المقبلــة.
ًّ من المتوقع حاليا أن يستمر الوضع السياسي الراهن في سوريا في الفترة المقبلة، كما أن المناخ األمني والعسكري في البالد غير واضح بشكل متزايد. أما بالنسبة إلى السيناريوهات المتعلقة بمستقبل اإلدارة الذاتية، فيمكن القول إن الوضع ً أكثر تعقيد ً ا من بقية أجزاء سوريا نظرا لوجود أطراف مختلفة تراقبها عن كثب
محمد أمين جنكيز: زميل باحث في مركز أبحاث الشرق الاستراتيجي بإسطنبول، يركز على سوريا وتركيا والشرق الأوسط. حصل على درجة البكالوريوس من قسم علم الاجتماع في جامعة إيجة عام 2016، وأكمل درجة الماجستير في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا للشرق الأوسط في جامعة مرمرة عام 2020.
تتناول مقالاته السياسة الخارجية التركية، والحرب السورية، والفاعلين المسلحين غير الدوليين، وقد نُشرت في وسائل إعلام ومراكز أبحاث وطنية ودولية. تشمل اهتماماته البحثية الصراع السوري، الفاعلين المسلحين غير الدوليين، السياسة الخارجية التركية، المقاتلين الأجانب المتطوعين، وسياسات الأكراد الإقليمية.
بدر ملا رشيد: باحث سوري مستقل متخصِّص في الشؤون الكردية. تخرج في قسم الترجمة من العربية إلى الإنجليزية في جامعة دمشق. كما حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من خلال كتابة أطروحته حول العقوبات المفروضة على النظام السوري. ألَّف وشارك في تأليف العديد من التحليلات والأوراق البحثية حول الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي. كما كتب فصلًا في كتاب عن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أصدره مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الذي عمله فيه لقرابة خمس سنوات. تشمل أعمال رشيد: الهياكل العسكرية والأمنية للإدارة الذاتية في سوريا، والإدارة الذاتية في شمال سوريا: مشاكل الشرعية والهوية، وظاهرة مقاتلي وحدات حماية الشعب في سوريا.