– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الإنكليزية من موقع منتدى الشرق

ملخَّص: تغيَّرت المُحرِّكات السياسية الاجتماعية للصراع في العراق. فللمرة الأولى منذ عام 2003، يسعى العراقيون لتشكيل حكومة تمثِّل الشعب يقودها مسؤولون أكفَّاء بدلًا من اختيار من يمثلهم وفقًا لنظام المحاصصة الطائفية العرقية العُرفي. بيد أنَّ الأحزاب السياسية العراقية قد آثرت التفاوض حول تشكيل الحكومة القادمة للبلاد استنادًا إلى نظام المحاصصة المجتمعي الذي أعقب عام 2003. ويسعى العراقيون عبر الاحتجاجات إلى الضغط على النخبة السياسية لتشكيل حكومة تكنوقراط قادرة على تأمين الخدمات الحيوية، ومحاربة الفساد المستشري، وخلق فرص عمل. وبالنسبة إلى العراقيين، لا بدَّ أن تكون الحكومة الجديدة قادرةً على الحوكمة الجيدة.

أجبرت الاحتجاجات التي اندلعت في عدَّة مدنٍ عراقية الأحزابَ السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية على العمل معًا، وتنحية هوياتهم الفرعية الطائفية العرقية جانبًا. وظاهريًّا، يبدو العراق دولةً ديمقراطية ناجعة. لكن التمعُّن بدقَّة يكشف عن وجود مزيدٍ من التعقيدات.

ما زال يتعيَّن على العراق التعافي من الآثار التي خلَّفها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وأكثر من عقدٍ من الحكم السيئ، والفساد المتواصل. وتُعَدُّ الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للفساد في محافظات العراق الجنوبية شاهدًا على جسامة المشكلات الخاصَّة بالبنية التحتية والحوكمة، التي ينبغي مواجهتها جميعًا على الفور. وكذلك فالمدن العراقية ذات الغالبية السُّنِّية، مثل  الموصل والرمادي والفلوجة، التي لحق بها الدمار من جرَّاء الحرب على داعش في أمسِّ الحاجة إلى الأموال لإعادة إعمارها واستقرارها. بيْد أنَّ الحكومة العراقية أعلنت أنها لن تستطيع تغطية تكاليف إعادة الإعمار بأكملها؛ ولهذا تسعى للحصول على قروضٍ استثمارية من مانحين إقليميين ودوليين. وخلال مؤتمر إعادة إعمار العراق، الذي عُقِدَ في الكويت من 12 إلى 14 فبراير/شباط 2018، تعهدت 74 دولةً بضخِّ 30 مليار دولار أميركي في صورة منحٍ وقروضٍ لعملية إعادة إعمار العراق، التي من المتوقَّع أن تصل تكلفتها الإجمالية إلى 88 مليار دولار أميركي. ومن بين كبار المانحين جاءت تركيا والسعودية اللتان تعهدتا مجتمعتين بمنح 8 مليارات دولار أميركي[1]. إذ تأمل السعودية وتركيا عبر هذه المنح وقروض الاستثمار في خلق مساحاتٍ من النفوذ الاستراتيجي في العراق، وترغبان كذلك في أن يشكِّل العراقيون حكومةً تمثيلية قادرة على التصدِّي للنفوذ الإيراني المتزايد في السياسة العراقية. ولم يتضح بعدُ ما إذا كانت الدول المانحة ستلتزم بجميع تعهداتها أم لا.