هذا الموضوع مترجم عن النسخة الإنكليزية من موقع منتدى الشرق

مُلخَّص: أُنشِئت جامعة الدول العربية في حِقبة ما بعد الاستعمار. لكن ثَبُتَ أنَّ هيكل الجامعة ولوائحها التنظيمية لا يُناسبان المشكلات المعقَّدة للدول العربية التي كانت ناشئةً آنذاك. وفي الحقيقة، فبالرغم من دعم الجامعة لاستقلال الدول العربية الذي تم نيله بشِقِّ الأنفس وإسهامها – ولو إسهامًا متواضعًا – في التسوية المؤقتة لعددٍ قليل من النزاعات بين الدول العربية، فإنَّها فشلت في أن تُصبح طرفًا فاعلًا قويًّا في السياسة الإقليمية. إذ أسفر الهيكل التنظيمي الضعيف للجامعة، لا سيما آلياتها المتعلِّقة بحل النزاعات، بالإضافة إلى الخصومات الداخلية بين أعضائها الرئيسين – عن حالتها العاطلة حاليًا.

مُقدِّمة

كان حلم توحيد العالم العربي إحدى القوى المحرِّكة للثورة على الإمبراطورية العثمانية في أثناء الحرب العالمية الأولى. وفي الواقع، كانت بذور هذه الثورة كامنةً في صعود أيديولوجية القومية العربية التي كانت منتشرةً آنذاك في الولايات العربية داخل الإمبراطورية، لا سيما بلاد الشام. وكانت الرغبة في بناء دولةٍ عربية مستقلَّة للانتقال بالمنطقة العربية من مستنقع الاضمحلالٍ والإفقار، ولبعث نهضةٍ ثقافية وسياسية – راسخةً في قلب الطموحات القومية العربية. وما أجَّج هذه المشاعر على وجه الخصوص هو السياساتُ القاسية التي تبنَّتها الإمبراطورية العثمانية تجاه الأشخاص غير الأتراك – لا سيما العرب – في أيامها الأخيرة.

وتحت الإشراف المباشر من البريطانيين، شكَّل العرب بقيادة حسين بن علي شريف مكة فيلقًا عربيًّا يقاتل إلى جانب قوات الحلفاء في أثناء الحرب العالمية الأولى. وكان الهدف من هذا التمرُّد، كما ذُكِر في بروتوكول دمشق والمراسلات التي جرَت بين الشريف حسين والسير هنري مكماهون استنادًا إلى البروتوكول، هو التمرُّد على الإمبراطورية العثمانية وإقامة دولةٍ عربية أو اتحاد دولٍ عربية. وفي الفترة التي أعقبت الهزيمة العسكرية للعثمانيين، كان هناك تحوُّل في التفكير باتجاه تأسيس اتحادٍ أو تحالف دولٍ عربية بدلًا من دولةٍ عربية واحدة. بيد أنَّ هذا الاقتراح الساذج لم يتحقَّق؛ لأنَّ الفرنسيين والبريطانيين كانت لديهم خططٌ مختلفة للمنطقة، ولأنَّ اتفاقية سايكس بيكو كانت قد قسَّمت بالفعل معظمَ “المناطق المُحرَّرة” بين القوتين الإمبرياليتين المنتصرتين. وكان الاستثناءان الوحيدان لهذا الترتيب هما: منطقة “جنوب سوريا” التي ذهبت إلى الأمير عبد الله تحت اسم إمارة شرق الأردن، ومنطقة نجد والحجاز التي أصبحت فيما بعد جزءًا من مشروع المملكة العربية السعودية.