انضمام المغرب لمبادرة الحزام والطريق الصينية بين الفرص والتحديات

شهدت العلاقات الصينية المغربية تطورًا في مساراتها بعد التوقيع على اتفاقية انضمام المغرب إلى مبادرة الحزام والطريق. ومنذ زيارة الملك محمد السادس إلى بكين في مايو 2016[i] ، دخل البلدان حقبة جديدة في علاقاتهما الدبلوماسية التي يعود تاريخها إلى عام 1958[ii] . كانت زيارة محمد السادس للصين علامةً فارقةً في تاريخ العلاقات بين البلدين، الأمر الذي أدى إلى توقيع الإعلان المشترك حول إقامة شراكة استراتيجية بين المغرب والصين، كما تؤكِّد هذه الاتفاقية أن المغرب يولي أهمية استراتيجية لعلاقته مع الصين.  وقد حقَّقت هذه العلاقة الاستراتيجية نتائجَ ملموسةً للبلدين، والتي يمكن أن تتطور بعد انضمام المغرب إلى مبادرة الحزام والطريق.

 نلاحظ أن المغرب يُعَدُّ من أوائل البلدان المغاربية والأفريقية التي انضمَّت إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي أسهمت في تعزيز الشراكة الاستراتيجية المغربية الصينية. تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز الوصول إلى التمويل الصيني المقدَّم من مبادرة الحزام والطريق لتنفيذ مشاريع كبرى في المغرب وتسهيل المبادلات التجارية، وكذلك إقامة مشاريع مشتركة في مختلف المجالات، مثل الطاقة والبحث العلمي والتنمية والتعاون الفني، وكذلك التدريب المهني[iii].

ظهرت معالم هذه العلاقة في زمن جائحة كوفيد-19؛ حيث استجابت السلطات الصينية لاحتياجات المغرب من المعدات الطبية واللقاحات اللازمة لإدارة الوباء للحدِّ من انتشاره. وقد وصلت الدفعة الأولى من لقاح كوفيد-19، الذي تصنعه المؤسسة الصينية للصناعات الدوائية “سينوفارم”، بالشراكة مع المختبر الوطني الصيني للتكنولوجيا الحيوية، وكانت الدفعة الأولى تقترب من 500000 جرعة[iv]، مما جعل المغرب أول بلد يحصل على اللقاح. دفعة لقاح ضد كوفيد 19 في أفريقيا، وقد ساعد ذلك المغرب في أن يحتل المرتبة الأولى في إفريقيا في عملية تطعيم شعبه من كوفيد-19؛ فقد بلغ عدد الجرعة الأولى في المغرب أكثر من 24 مليون جرعة، وبلغت الجرعة الثانية 23 مليون جرعة، وبلغت الجرعة الثالثة أكثر من 5 ملايين جرعة[v]، وهذا لبلد يبلغ عدد سكانه قرابة 37 مليون نسمة[vi]، وهناك خطوة جديدة تتمثَّل في إنشاء وحدة صناعية لتصنيع اللقاح المضاد للفيروسات في المغرب، من خلال الاستفادة من الشراكة مع شركة سينوفارم” الصينية[vii].

أولًا: انضمام المغرب لاتفاقية مبادرة الحزام والطريق والفرص الممكنة

منذ أن  تولَّى شي جين بينغ السلطة في مطلعِ عام 2013، حمل بين جنباتهِ مشروعًا طموحًا جديدًا يرتبطُ أساسًا بما أسماه “حلم الصين” الرامي إلى تعزيز قوة الصين في الساحة الدولية، ليكون منافسًا حقيقيًّا[viii]، بُغية التنافس بشكل أكثر مع الولايات المتحدة على القيادة العالمية[ix]، وانطلاقًا من حب الرئيس الصيني لربط تاريخ الصين بحاضرها ومستقبلها؛ جاءت مبادرة “طريق الحرير” أو ما يُصطلح عليها بـ “مبادرة الحزام والطريق”[x]؛  خاصةً أنها تزامنت مع  تراجع الصين في السنوات الأولى التي تولى فيها شي جين بينغ السلطة؛ حيث تراجعت الصين من كونها أكبر اقتصاد في العالم إلى ثاني أكبر اقتصاد؛ ففي فبراير 2014، ارتفع الفائض التجاري للبلاد بنسبة 14٪ مقارنةً بعام 2013[xi] ، مما عزز المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي في الصين، وقد تبلورت المخاوف بعد عام عندما انخفض النمو الاقتصادي الصيني إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من 20 عامًا، مما دفع الحكومة إلى مراجعة أهداف النمو، هذا التصور عززهُ  توقع صندوق النقد الدولي الذي استشرف مزيد تدهور في الاقتصاد الصيني إن لم تستدرك ذلك[xii].

هذا ما جعل الصين تعلنُ عن مبادرتها المعروفة باسم “مبادرة الحزام والطريق”، أو “طريق الحرير الجديد” الذي اعتبرهُ الرئيس الصيني في مايو 2017 مشروعَ القرن، الذي يضم أكثر من 80 دولة، كما تمثِّلُ الدول المدرجة داخل مبادرة الحزام والطريق أكثر من 63٪ من سكان العالم، ويمثلون 29٪ من إجمالي الناتج العالمي [xiii].

وفي هذا الصدد، وقَّع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونائب رئيس اللجنة الوطنية الصينية للإصلاح والتنمية، السيد نينغ جيزه (Ning Jizhe)، خلال مؤتمر بُث بتقنية الفيديو بتاريخ 5 يناير 2022 اتفاقية خطة التنفيذ الخاصة بمبادرة الحزام بين المغرب والصين[xiv].  وبذلك يكون المغرب أول بلد مغاربي، ومن الدول الافريقية الأولى، الذي ينخرطُ في مبادرة الحزام والطريق، وهو ما يجعلُ الشراكة الاستراتيجية المغربية الصينية ترتفعُ إلى مستوى أعلى[xv].

تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز الوصول إلى التمويل الصيني المقدم من مبادرة الحزام والطريق، من أجل إقامة مشاريع واسعة النطاق في المغرب، وتسهيل التجارة والمشاريع المشتركة في مجالات مختلفة، مثل الصناعة والطاقة والبحث والتطوير والتعاون التكنولوجي، وكذلك التدريب المهني. وهنا يرى الجانب المغربي أن قوة هذه الشراكة التي تجمعُ المغرب بنظيره الصيني تستمدُّ قوتها من الانفتاح على إفريقيا[xvi].

وقد مهَّد لهذه الاتفاقية ارتفاع وتيرة التواصل بين الجانبَيْن خلال السنوات الأخيرة. والجدير بالذكر في هذا الصدد زيارة ملك المغرب محمد السادس للصين في مايو 2016، التي شهدت توقيع إعلان مشترك حول الشراكة الاستراتيجية، ‏بالإضافة إلى 32 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عدَّة مجالات. وخلال هذه الزيارة، وقَّعت الشركات المغربية والصينية 15 اتفاقية[xvii]   إلى جانب شراكة استراتيجية بين البلدين[xviii] . وخلال هذه الزيارة، تمَّ الإعلان بأن المواطنين الصينيين لم يعودوا مطالبين بالحصول على تأشيرات للدخول إلى المغرب، وهو ما جعل المغرب في عام 2018 يستقبلُ 180 ألف سائح صيني (قبل جائحة كوفيد-19)[xix]،  ومن المرجَّح أن يرتفع هذا الرقم بعد انضمام المغرب لاتفاقية مبادرة الحزام والطريق.

منذ عام 2016، كانت هناك زيادة متواضعة في التجارة بين البلدين؛ حيث ارتفع إجمالي التجارة مع الصين من 4 مليارات دولار في عام 2016 إلى 5.3 مليارات دولار في عام 2018. وقد شكَّلت الصادرات الصينية إلى المغرب الجزء الأكبر من هذه الزيادة؛ حيث ارتفعت من 3.8 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار خلال الفترة نفسها. وقد ارتفعت حصة الصين من إجمالي واردات المغرب إلى ما يقرب من 10 في المائة في عام 2018 من 9.1 في المائة في عام 2016 و7.5 في المائة في عام 2014. وخلال الفترة نفسها، ظلت صادرات المغرب إلى الصين ضئيلة، حيث شكَّلت سنويًّا حوالي 1 في المائة فقط من إجمالي الصادرات. ويظل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري المهيمن، حيث يمثِّل أكثر من نصف واردات المغرب وحوالي ثلثي صادراته.

وتشمل الواردات الرئيسة للمغرب من الصين: المواد البلاستيكية، والمنسوجات، والهواتف المحمولة، والسلع الإلكترونية، والمعدات الميكانيكية والكهربائية. الصين ليست سوقًا واضحة أو يسهل الوصول إليها بالنسبة إلى الصادرات المغربية الرئيسة، بما في ذلك السيارات وقطع غيار السيارات والمنتجات الغذائية الطازجة والمنسوجات والفوسفات. ومن ثَمَّ لا يزال المغرب يعاني اختلالًا في التوازن التجاري مع الصين كما هو الشأن مع معظم شركائه التقليديين على مدى العقدين الماضيين.

تتكون صادرات المغرب إلى الصين بشكل أساسي من منتجات ذات قيمة مضافة منخفضة، مثل الخامات والرماد، لكنها تشمل بعض العناصر ذات القيمة المضافة العالية، مثل الطائرات والمركبات الفضائية . وفي الوقت نفسِه، تُعَدُّ واردات المغرب مجموعة أكثر تنوعًا من السلع من الصين، ومعظمها منتجات ذات قيمة مضافة عالية، مثل المعدات الإلكترونية، والقهوة، والتوابل، والأقمشة المحبوكة، والمركبات ومنتجات الحديد والصلب والبلاستيك.

 إن إعفاء المغرب السياح الصينيين من التأشيرة قد مهَّد لجعل الدبلوماسية الثقافية الصينية حاضرةً في المغرب عبر ثلاثة معاهد كونفوشيوسية، ليتفرد المغرب بهذا العدد من المعاهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذه المعاهد تشارك في تكوين مبعوثين مدنيين متعددين للصداقة بين الصين والمغرب.

بدأت إصلاحات المغرب في تطوير صناعات جديدة ذات منتجات ذات قيمة مضافة عالية، كما هو واضح في العديد من المجمعات الصناعية، والتي تميل إلى تجميع السيارات وإنتاج قطع غيار السيارات، فمنذ عام 2016 أصبحت صناعة السيارات المحرك الرئيس لإيرادات التصدير في المغرب؛ فقد تمَّ إنتاج 400 ألف سيارة ركاب في عام 2018 . وتُعَدُّ شركة رينو الفرنسية التي أنشأت مصنعًا حديثًا خارج طنجة أكبرَ منتج للمركبات. ففي يوليو 2019، أنشأت مجموعة PSA Group مصنعًا في القنيطرة، شمال الرباط، بطاقة إنتاجية 200000 سيارة سنويًّا، مع خيارات لتطوير خطوط للمركبات الكهربائية على مدى السنوات القليلة المقبلة.

ومن المشاريع التي يمكن البناء عليها مشروعٌ أُنشئ عام 2016 بالشراكة مع المطور الصيني “هايتي” (Haite)، لبناء مدينة “محمد السادس طنجة تيك”، باعتبارها موقعًا صناعيًّا وتكنولوجيًّا بقيمة 10 مليارات دولار، في حيزٍ جغرافيٍّ يبلغُ 7.7 أميال بقدرة استعابية تبلغُ  ثلاثمئة ألف شخص وخلق مئة ألف فرصة عمل، والذي ظهرَ كمشروع طموح يهدف إلى الاستفادة من قرب طنجة من أوروبا، ومشاريع البنية التحتية التي تمتلكها.  كان الهدف هو جذب حوالي 200 شركة متعدِّدة الجنسيات بالإضافة إلى 100 شركة صينية ترغب في الوصول إلى الأسواق الأوروبية، وقد سعى المشروع إلى الحصول على تمويل بناء المدينة على مدى عشر سنوات، بتمويل من شركة “هايتي” والبنك المغربي للتجارة الخارجية (بنك إفريقيا)، وكذا من الحكومة المغربية.

في السنوات الأخيرة، جذبت الصورة السياحية “الخيالية” التي خلقها المغرب العديدَ من السياح الصينيين، وفي هذا الصدد ارتفع عدد السياح الصينيين الذين يزورون المغرب بشكل كبير في العامين الماضيين. فحتى عام 2016، عندما كان هناك شرط للحصول على تأشيرة دخول للمواطنين الصينيين لزيارة المغرب، كان حوالي 20000 سائح صيني يزورون البلاد كل عام. وقد نما هذا العدد إلى 118 ألفًا في عام 2017 ، و180 ألفًا في عام 2018 ، و200 ألف في عام 2019 .  ومع ذلك، فإن هذا عدد ضئيل عند مقارنته بإجمالي عدد السائحين، الذي يقارب 8 ملايين سائح، الذين زاروا المغرب بحلول يوليو 2019 . وكان وزير السياحة السابق، محمد ساجد، قد توقَّع أن يبلغ عدد السياح الصينيين 500 ألف صيني سنويًّا بحلول عام 2020، لكن هذا لا يزال بعيد المنال .

وفي أغسطس 2019، أعلن المكتب الوطني للسياحة عن شراكة مع وكالة السياحة الصينية الرائدة على الإنترنت “تريب.كوم” (trip.com) . وفي سبتمبر 2019، أعلنت الخطوط الملكية المغربية أنها ستقدم ثلاث رحلات أسبوعيًّا من الدار البيضاء إلى بكين اعتبارًا من يناير 2020،  وهو الرقم المؤهل إلى الارتفاع بفعل انضمام المغرب لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

وتُعَدُّ الزراعة قطاعًا حيويًّا للبلدين يمكنُ أن يشكل مجالًا للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وخاصةً مع زيادة الطلب على المواد الغذائية الأجنبية في الصين، وقد بدأ المغرب في تصدير الحمضيات إلى الصين ، وهو الأمر الذي يمكن أن يتطور بعد انخراط المغرب في مبادرة الحزام والطريق، كما تعمل الصين على توسيع تعاونها مع المغرب في قطاع مصايد الأسماك، لا سيما في تربية الأحياء المائية وتجهيز المأكولات البحرية. فوفقًا للبنك الدولي، بلغ إجمالي إنتاج المصايد السمكية في المغرب 1.45 مليون طن في عام 2016، و81.5 مليون طن في الصين.

ثانيًا: التحديات التي تواجهُ المغرب بعد انضمامهِ لمبادرة الحزام والطريق الصينية

تحول المغرب من الشريك الدافئ إلى الشريك البارد

يقدِّم شون رين (Shaun Rein) تقسيمًا مفيدًا لفهم كيفية تعامل السياسة الخارجية الصينية مع الدول؛ فهو يرى أن الصين تقسم الدول إلى فئة الشراكة الساخنة، وهي الأكثر استفادة من العلاقات الوثيقة مع الصين،  وفئة الشراكة الدافئة أي الدول التي تنهجُ الحياد مع ملفات الصين القومية، حيث تميل هذه الدول إلى الاستفادة من المستهلكين الصينيين والشركات الصينية، وهو ما يتيحُ لهم أن يحققوا مكاسب اقتصادية مهمة.  بالإضافة إلى الشراكة الباردة حسب رين التي يمكنُ أن تحدث باتخاذ دولة معينة مواقف قوية ضد الصين، وهو ما يجعلُ هذه الأخيرة تطبقُ عقوبات اقتصادية حادة على هذه الدول، وهو ما يظهرُ أثرهُ على الدول التي باتت تعتمدُ على الاقتصاد الصيني، سواء في التصدير أو الاستيراد، والأمثلة على ذلك كثيرة، أحدها العقوبات التي طبقتها الصين على كوريا الجنوبية.  ورغم أن المغرب يحترم السيادة الصينية في القضايا التي تراها الصين تنتمي لأمنها القومي مثل مسألة الإيغور، والتي تجلت بإعادة شاب من أقلية الإيغور كان في المغرب رغم ما يثيرهُ هذا التسليم من أسئلة مرتبطة بحقوق الإنسان،  وذلك فقط حتى يحافظ المغرب على علاقته الجيدة مع الصين، ولكن قد يُدفع المغرب إلى اتخاذ بعض القرارات القوية في حق الصين، إذا ما تأزمت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين أكثر، وخاصةً بفعلِ نشوبِ الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في حقبة ترامب ، والتي لم تنته بشكلٍ تامٍ في حقبة بايدن الذي ما زال يرى الصين عدوًّا استراتيجيًّا،  وبحكم أن المغرب اكتسب اعترافًا يراهُ ثمينًا من الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص قضية الصحراء الغربية،  فلو تأزمت العلاقة الأمريكية الصينية في المستقبل القريب، فقد يدفعُ الشريكان المغرب في مسار الترجيحِ فيما بينهما، وهو المسار الذي قد يسبِّب بعض الأضرار سواء سياسية أو اقتصادية على المغرب إذا جنح هذا الأخير نحو أحد الطرفين؛ لذا فإن انفتاحَ المغرب على الصين يحملُ في العمق إمكانية تهديد مستقبلي في حالة ما إذا تأزم الوضع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

المغرب وتحدي “فخ الديون”

من المخاطر التي يمكنُ أن تواجه المغرب عبر انضمامهِ لاتفاقية طريق الحرير هو أن يتعرض لإغراء الديون من الصين، والذي يمكنُ أن توظفهُ فيما بعد في التأثير على قرارات المغرب السياسية، أو على الأقل التأثير بالسلب على الاقتصاد المحلي بفعلِ أثر الديون، وهو ما قد جرى مع دولٍ عديدة في تعاملها مع الصين.

يجب أن تكون القدرة على تحمل الديون (قدرة البلدان المدينة على سداد قروضها) جزءًا من رؤية أي بلد في دخوله لمبادرة الحزام والطريق، وتجربة الصين مع فنزويلا مثالٌ على ذلك، فقبل إعلان مبادرة طريق الحرير، وتحديدًا بين عامي 2007 و2013، أقرض بنك التنمية الصيني فنزويلا ما يقرب من 40 مليار دولار، ونُظر للصين من طرف الفنزويليين على أنها تنهي الهيمنة الأمريكية،  ثم أقرضت الصين فنزويلا مجددًا 20 مليار دولار بين عامي 2013 و2017، وذلك في حقبة نيكولاس مادورو، لتجد فنزويلا نفسها مثقلة بديونٍ تبلغُ 150 مليار دولار.

كانت لفنزويلا حصة الأسد من القروض الصينية الموجهة لأمريكا اللاتينية؛ حيث حصلت على أكثر من نصف إجمالي القروض التي حدَّدها حوار البلدان الأمريكية منذ عام 2005. شكل الإقراض الصيني 95 في المائة من إجمالي التمويل الرسمي لدول أمريكا اللاتينية، وهو ما جعلها المصدر الرئيس للتمويل لدولة مثل  فنزويلا،  وذهب حوالي ربع القروض الصينية إلى قطاع الطاقة و5 في المائة إلى التعدين، وقد تم تصنيف أكثر من 40 في المائة من جميع القروض الصينية لأمريكا اللاتينية على أنها للبنية التحتية.  تقدم الأزمة الحالية في فنزويلا دليلًا آخر على المدى الذي توظفُ فيه الصين “الديون” من أجل تعزيز مصالحها السياسية والاقتصادية،  ويمكنُ أن تعرض المساعدة المالية النابعة من بكين أي بلد (بما في ذلك المغرب) ل”فخ الديون”، وقد يفاقم هذا أوضاعها الاقتصادية على المدى الطويل.