متفقتان في المخاوف مختلفتان في الطموح: أوجه التلاقي والتباعد في التحالف السعودي الإماراتي

الملخص: غالبًا ما تروّج وسائل الإعلام والمحللون أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تشكلان قوةً إقليميةً واحدةً. وعلى الرغم من أن هذا التحالف ليس مهددًا بالإنهاء، فإن طبيعته أكثر تعقيدًا مما يتمُّ تصويره. حيث تختلف تفضيلات الدولتين الخليجيتين، وتتخذان مواقفَ مختلفةً تجاه العديد من القضايا الإقليمية. ونتيجةً لذلك، فإن هيكل العلاقة بينهما هشٌّ. وتسعى هذه المقالة إلى تسليط الضوء على العوامل التي تحكم التلاقي والتباعد والاختلاف بين السعودية والإمارات من خلال تحليل الدوافع وراء التحالف الاستراتيجي بينهما.

المقدمة: كثيرًا ما يستخدم الإعلام والمحللون مصطلح “الرباعية العربية”، قاصدين بذلك تحالفًا يضمُّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين، مع تصويره على أنه كتلة متماسكة ومتجانسة. وفي الشرق الأوسط متعدِّد الأقطاب، الذي يتَّسم بالخصومات التي تقوم على التنافس على السلطة أكثر من التنافس على سياسات الهوية، تواجه تلك الرباعية العربية خصومًا -تركيا وإيران وقطر- فيما يتعلَّق بتشكيل النظام الإقليمي المستقبلي. ولكن هل من المناسب الإشارة إلى هذه الرباعية بوصفها كتلةً أم أن التحالف يمثل تبسيطًا مبالغًا فيه لواقعٍ به العديد من الاختلافات وحتى بعض الانقسامات؟ في حين أن هذه القراءة السائدة ليست خاطئة كليًّا، إلَّا أنها تحتوي على العديد من أوجه القصور. في الحقيقة، يختلف أعضاء التحالف حول مجموعة متنوِّعة من القضايا الإقليمية. وبغضِّ النظر عن البحرين، التي تبدو الأكثر سلبيةً وتبعيةً لمنطق التحالف، فإن الاختلافات تتعلَّق بأعضاء الرباعية الثلاثة الآخرين. فقد أطلقت مصر -على الرغم من استمرار ارتباطها بالإمارات والسعودية- سياسةً إقليميةً متسقةً مع سياسة التحالف، ولكنها تميل على نحوٍ متزايدٍ نحو الاستقلال. حيث أدى توقع حدوث زيادة كبيرة في عائدات صادرات الهيدروكربونات إلى إحياء طموحات القاهرة؛ فمصر مرشَّحة بفضل حقل ظهر -أكبر حقل غاز في البحر المتوسط- لأن تصبح مركزًا للطاقة في المستقبل بين جنوب البحر المتوسط وشماله. وهناك خطاب مختلف فيما يتعلَّق بالتحالف طويل الأَمَد بين ركيزتي التحالف: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا التحالف ليس مهددًا بالإنهاء، فإن طبيعته أكثر تعقيدًا مما يتمُّ تصويره. فالصورة الراسخة التي تُعرض بها العلاقة بين الإمارات والسعودية في كثيرٍ من الأحيان، حتى من قِبل خصومهما الإقليميين، لا تعكس الواقع. حيث إن هيكل العلاقة بين الدولتين هشٌّ؛ ففي العقد الماضي كان هناك تقارب وتباعد في مواقفهما، لكنهما ظلتا مرتبطتين بقوة ببعضهما البعض. وهناك العديد من العوامل المتداخلة التي تحكم هذا الاتجاه الذي يعكس ديناميكيات المنطقة. تهدف هذه الورقة إلى فهم الدوافع وراء التحالف الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من خلال التركيز على العوامل التي تحكم التلاقي والتباعد والاختلاف بينهما. ومن بين الأسئلة التي يسعى البحث إلى الإجابة عليها: هل يجب اعتبار العلاقة بين الإمارات والسعودية تحالفًا قويًّا ودائمًا؟ أم يجب اعتبار الاختلافات مؤشراتٍ على وجود صدعٍ داخل التحالف؟ وما هي نقاط القوة والضعف في هذا التحالف؟